الاثنين، 30 ديسمبر 2013

عبرة التأمل



هل نظرتم يوما داخل الصندوق؟ 

 

 

كان هناك شحاذٌ يستقر عند رصيفٍ من أرصفة شارعٍ في مدينةٍ كبيرة. كان يجلس 

في ذات المكان منذ ثلاثين عاماً وقد فرش قبعته أمامه وجلس منتظراً إحسان المحسنين.

 - اقتربت منه فهتف بي : ساعدني بما استطعت من نقود كي أسد رمقي يا سيدي!!

 - ليس لدي ما أمنحك إياه يا رجل لأني غريبٌ في هذه الأنحاء ولا أملك مالاً

(هتفت به ، ثم عقبت ) 

لكن ما هذا الذي تجلس عليه بربك …! ( وأشرت إلى صندوقٍ عتيقٍ كان 

الرجل يستقر عليه بجسمه النحيل ) 

 - ماذا … أي صندوق … ها… تعني هذا … لا شيء … ليس به شيء على 

الإطلاق ، إنه مجرد صندوق عتيق …!- وهل نظرت إلى ما فيه ( هتفت به …)

 - كلا… ولماذا يجب أن أنظر فيه وأنا أعلم إنه ليس فيه شيء …! 

- ومن أين لك أن تعلم وأنت لم تنظر ، ألق نظرة بداخله ، فقد يكون فيه شيء مفيد لك …!

 وفعل الرجل ، ولدهشته … كان الصندوق مملوءا بقطع نقدية كثيرة . 

تخيل ، عاش ثلاثين عاماً مع صندوقٍ مملوء بالذهب ، 

ومع ذلك فإنه لم يجرؤ يوماً على فتح الغطاء للتعرف على كل هذا الثراء الذي لديه 

…!.....فماذا تتخيل أنت وأنا ..ماذا يمكن أن نجد في دواخلنا ، لو أننا حاولنا 

مرة النظر إلى الداخل …! 

حسناً سترّد علي بحنق ، ولكنني لست بشحاذٍ ولا أريد 

التفتيش في أوراقي القديمة كأي تاجرٍ مفلس .لا يا صديقي ، بل نحن جميعاً 

شحاذون ، إن لم نكتشف ثراء الداخل، وهو أسمى وأعظم من الثراء المادي إذ هو 

صفاءٌ روحيٌ خالص وسعادةٌ منقطعة النظير .ربما تكون أنت وأنا والكثيرون 

منعمون بثراءٍ ماديٍ ورغدٍ في العيش، ولكن لا شك أنك تفتقد الكثير ، بل الكثير جداً 

مما لا يمكن للثروة المادية أن تحققه .أنت وأنا وكثيرون نبحث في الخارج عن 

الحب، والمتعة ، والرضا، وتأكيد الذات ، والشعور بالأمان .ولكننا لا ننال هذا الذي 

نسعى إليه رغم ثرائنا المادي …!

 لماذا …؟ لأننا نبحث في المكان الخطأ ، إذ أن هذا الذي نبحث عنه موجودٌ فينا

 … عندنا … في جوهرنا … وهو أكبر من كل ما 

يمكن لهذا العالم الخارجي أن يهبنا …!!

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق